أوقفت وزارة التعليم العالي مؤخرا الاعتراف بالدراسة وفق نظام الانتساب للمرحلة الجامعية الأولى حيث لن تصادق الوزارة على مؤهلات الطلاب الذين سيتم تسجيلهم في مؤسسات تعليمية تتبع نظام الانتساب بعد تاريخ 23/4/2008 م، وذلك حسب التاريخ المسجل في شهادة قيد الدارسة التي تعطى للطالب من المؤسسة التي يرغب في الالتحاق فيها..
ومع وجود مئات المواطنين الملتحقين بنظام الانتساب في مؤسسات التعليم العالي خارج السلطنة ومع رغبة عدد كبير من الموظفين بتحقيق حلمهم لإكمال دراستهم..
أحمد السيابي خريج ثانوية ويعمل في إحدى مؤسسات القطاع الخاص يتحدث عن معاناته: كنت أرغب في مواصلة دراستي مثلما فعل أخي الذي يدرس حاليا بنظام الانتساب وقد جمعت مبلغا لا بأس به من أجل أن أسجل للدراسة للسنة الدراسية القادمة ولكن القرار جاء مفاجئا بالنسبة لي، فأنا أعمل براتب لا يتجاوز 160 ريال ولفترات مرهقة في اليوم ولا يمكن لي أن أرتبط بالدراسة المنتظمة هذا عدا المصاريف الكبيرة التي أضطر أن أدفعها للجامعات التي تتبع الدراسة المنتظمة، ومشكلتي أيضا أنني أرغب في أن أدرس الحقوق باللغة العربية لأنني لا أجيد الانجليزية بشكل مناسب ولا توجد مؤسسات خاصة في السلطنة يمكن أن أدرس فيها هذا التخصص.
قرار متسرع..
بدرية محمد إحدى الطالبات التي تدرس بنظام الانتساب بكالوريوس حقوق في جامعة القاهرة: قرار عدم الاعتراف بالانتساب للمرحلة الجامعية الأولى أراه قرارا متسرعا، لأننا في بلد كعمان ما نحتاجه ليس التنمية التي تعتمد على مجموعة من خريجي جامعات السلطان قابوس ومؤسسات التعليم العالي الأخرى والتي أيضا تستنزف المواطن كون معظمها خاصا لأجل الانخراط في العملية التنموية الاقتصادية والعمل، مانحتاجه هو تنمية بشرية حقيقية لا تتأتى إلا بالعلم، أظن أن هناك ثمة فجوة وقلة وعي في التوفيق بين مصلحة المواطن ومصلحة الجهات الأخرى، يجب إتاحة المجال والفرصة لمن فاتته فرص إكمال تعليمه، وتشجيعه أيضا من قبل وزارة التعليم العالي وليس صنع العراقيل ومنع الانتساب للخريجين الجدد، أو جعل الجامعة المفتوحة الموجودة هنا شاملة في كل المواد ليس شرطا ما تحتاجه التنمية انما ايضا مايحتاجه الانسان من فكر ووعي وزيادة في العلم.. قد لا يشملني هذا القرار ولكن بشكل عام اين سيذهب من لا يجد فرصة الا هذه الفرصة عبر إكمال دراسته بنظام الانتساب، دعونا لا نكون أنانيين ولا نفكر إلا في مصلحة جهة معينة.
وتضيف: في إحدى البلدان التي يزيد حجم سكانها عن 70 مليونا وتعيش حالات من البطالة والعوز إلا أنها تفتح مجالات التعليم لأبنائها وهم على يقين بصعوبة إيجاد وظيفة لخريج من أي نوع، الا ان نسبة الجهل والأمية قليلة مقارنة بدولة عدد سكانها 3 ملايين، وبها جامعة واحدة تعتمد على النسب الكبيرة كما أن مقاعدها محدودة، وجامعات تربوية تعتمد على تخصصات محدودة كلنا نعرفها، والباقي كليات وجامعات خاصة موزعة في المناطق، وحتى من اشتراطاتها الدراسة المنتظمة وهذا ما يجده البعض صعبا لإكمال تعليمه العالي.وعراقيل..
بينما قالت علياء الحوسنية إحدى الطالبات التي تدرس تخصص الترجمة في الدرجة الجامعية الأولى بنظام الانتساب في الخارج: رغم أن التعليم بنظام الانتساب أقل جودة وهو مجرد حفظ بعض المذكرات ليسافر بعدها الطالب أسبوعين من أجل أن يؤدي امتحاناته ويعود إلا أن أغلب الذين يذهبون هم من الموظفين الذين يسعون لتحسين أوضاعهم الاجتماعية أو المادية والسبب عدم سعي جهات عملهم لتأهيلهم التأهيل العالي المطلوب بل تضع أمامهم مختلف العراقيل رغم أن معظم المواطنين العمانيين يحلمون بإكمال دراستهم ولديهم طاقات عالية، وظروف معظم هؤلاء لا تسمح لهم بأن يختاروا التعليم الأجود أو قد لا تسمح لهم أوضاعهم المادية وارتباطهم بعملهم بالدراسة بالنظام المفتوح!
وأضافت: أن هذا الموضوع يجب حله بتسهيل الإجراءات أمام الموظفين في كل المؤسسات من أجل إتاحة الفرصة لهم لإكمال دراستهم حيث إن الشهادة لها دور كبير اليوم في تحسين الظروف المعيشية للمواطن، ومعظم المؤسسات لا تسمح لموظفيها بإجازة تفرغ كامل من أجل الدراسة إلا بعد فترة طويلة وبشروط معقدة جدا.
في 3 أشهر..
سعيد الرحبي رئيس قسم معادلة المؤهلات بوزارة التعليم العالي قال: إن القرار جاء في صالح المواطن بالدرجة الأولى لأن الكثير منهم يسعى لإكمال دراسته بأي طريقة حتى أن نظام الدراسة في بعض الجامعات غير مجدٍ له في المستقبل.. وقد حدث وجاء إلينا مجموعة من الموظفين وقالوا إنهم يريدون الحصول على درجة الماجستير في ثلاثة أشهر الأمر الذي يضعنا أمام علامة استفهام كبيرة حول نوعية التعليم الذي يجب أن يتلقاه أبناء البلد وحول جديته في خدمة سوق العمل، وحتى لا يأتي إلينا بعض الخريجين من حملة شهادات الانتساب بعدها ويشكون من عدم حصولهم على الفرص الوظيفية المناسبة لهم في المستقبل.
وحول سؤال عن أن الجامعات العربية تطرح تخصصات باللغة العربية الأمر الذي يجعل الكثير من الموظفين يُقبلون عليها بدل المؤسسات قال: إن هذه التخصصات لن تكون ذات أهمية كبيرة على المدى البعيد حيث إننا نراعي أن تكون المؤهلات التي يحملها الخريج مؤهلات عالية الجودة، وهذا الأمر لا يتطلب الخريج أكثر من دراسة اللغة الإنجليزية سنة أو أقل حتى يتمكن من الالتحاق بالدراسة الانتظامية في أي مؤسسة يرغب فيها.
وقال الرحبي: إن هناك حلولا أخرى للموظفين الذين يرتبطون بدوام كامل في مؤسساتهم ويرغبون في مواصلة دراستهم بشكل لا يؤثر على جودة التعليم الذي يحصلون عليه وهو نظام الدراسة عبر شبكة الإنترنت حيث يمكن للطالب أن يتفاعل مع المواد التي يدرسها ومع أساتذته عبر جهاز الحاسوب ويحصل على شهادة ذات جودة عالية ومن مؤسسات عالية ومعترف بها في أنحاء العالم، وهذا النظام لا يكلف الطالب أكثر من أن يجلس أمام جهاز الحاسوب دون أن يضطر للسفر، فيحصل على شهادته وهو جالس في بيته!
وأضاف: أن معظم الموظفين الذي يريدون إكمال دراستهم يسعون لتحسين أوضاعهم المادية في ظل ارتفاع مستوى المعيشة اليوم، وهذا الأمر يتطلب من الموظف أو الطالب أن يفكر في جودة الشهادة التي يحصل عليها وأن تتيح له فرصة أكبر في عمله، وهناك جامعات عالمية يمكن أن تمنح رسالة الدكتوراه بعد البكالوريوس في ثلاث سنوات فقط بدون أن يمر بمرحلة الماجستير بالرغم من أن شهادتها ذات جودة عالية وخريجيها أكفاء.
الجامعة العربية المفتوحة..
وقال الرحبي: إن القرار جاء بعد دراسة قامت بها الوزارة حول كفاءة التعليم بنظام الانتساب، وبعد أن تم افتتاح فرع للجامعة العربية المفتوحة في السلطنة التي تتبع نظاما يشبه الانتساب إلى حد ما حيث يمكن أن يسجل فيها الطالب ويحضر بعض المحاضرات وفق ظروف عمله.
وقد تم افتتاح أربعة تخصصات في الجامعة وفق احتياجات سوق العمل في الإدارة (إدارة الأعمال – الاقتصاد) واللغة الإنجليزية وإدارة الأعمال وهناك خطط لافتتاح تخصصات أخرى يمكن أن تخدم الكثير من المواطنين الذي يرغبون في إكمال دراستهم وتقدم لهم شهادات معترف بها.
وأكد أن القرار لا يمنع أي مواطن من الالتحاق بأي مؤسسة يرغب بها بنظام الانتساب ولكنه لا يحق له أن يطالبنا بمصادقة مؤهلاته والمطالبة بزيادة درجته الوظيفية خاصة في القطاع الحكومي.
وفي جانب آخر من القضية فقد صرح مصدر مطلع من وزارة التعليم العالي بأن الوزارة تدرس حاليا إمكانية صدور قرار آخر بشأن الدراسة بالانتساب للمراحل الدراسية العليا للماجستير والدكتوراه حيث يمكن أن توقف الاعتراف بنظام الدراسة التقليدي لمرحلة الماجستير بالانتساب، والذي يقوم على دراسة بعض المقررات في مرحلة الدبلوم العالي، ثم تقديم بحث عبارة عن رسالة الماجستير يمكن للطالب بعدها الحصول على شهادة الماجستير.
نحن هنا أمام مواطنين يريدون تحسين ظروفهم وسط ظروف معيشية تزداد صعوبة يوما بعد آخر ووسط التحديات المادية وصعوبة الحصول على إجازة تفرغ دراسية من جهات عملهم في حالة رغبتهم في إكمال دراستهم مع تفهم لرغبة الجهات المسؤولة بتخريج مواطنين أكفاء يمكن أن يأخذوا مسؤولياتهم في سوق العمل....